الثلاثاء، 17 يونيو 2025

09:31 ص

وفاء أنور تكتب: الاهتمام والحب ورحلة التعلم

الأحد، 15 يونيو 2025 04:19 م

وفاء أنور

وفاء أنور

خلقنا الله وجعلنا خلفاء له في أرضه، وميزنا عن باقي مخلوقاته بالحكمة والعقل، بالقلب الذي يتسم بالرقة الممتزجة بإحساس من رحمة ومن عطف، يأتي كل هذا تحت اسم واحد هو ـ إنسان ـ إنسان وحسب. منحنا الله الرزق بأنواعه المتعددة، فالرزق يأتينا في مال، في أولاد، في إيمان قوي يجعلنا نرضى بقضاء الله وقدره، دون تعقيب منا على إرادته ومشيئته.

تأتي مواسم الامتحانات، وتأتي معها موجات من الاضطراب والقلق، فهى اختبار حقيقي لنا، تقييم فعلي لمشاعرنا تجاه أبنائنا الذين يمثلون لنا حصاد العمر، اختبار لمحبتنا لهم، محبة لا ترتبط بشرط معين، محبة ينبض بها القلب ويخفق لها دون تدخل من أحد، تكشف عن صورة أنفسنا الحقيقية، تظهر مدى اهتمامنا بهم، بمد أيدينا لهم ومساعدتهم في أدق لحظات حياتهم. 

يجب أن يرقى حديثنا معهم لمستوى يطمئنهم ويشد من أزرهم، يتم هذا بمساندتهم ومحاولة التخفيف عنهم، بتوفير مناخ هاديء يمكنهم من الاستذكار، من الاستيعاب الجيد لما يدرسونه من علم ومن أدب؛ تلك هى رسالتنا الكبرى، مهمتنا هى حمايتهم تحت أي ظرف كان، نضيء مصابيح محبتنا ونتقدمهم لنرشدهم فقط، بعدم إجبارهم على أن يصبحوا نسخًا أخرى منا، فنتحول عندها لأداة تعذيب تؤلمهم، وتهدد سلام أنفسهم.

لا شك أننا جميعًا نحلم لأبنائنا بحياة أفضل، نصنع من حلمنا هذا قلادة نجمع حباتها بكل عناية، نستدعي الحلم ونقتسمه معهم، نحياه من قبل أن يتحقق وهذا بالطبع يثقل كاهلهم ويرهقهم، تعلو الأمنيات بنا، تتلاطم كأمواج بحر، تسطع بيننا كنجوم في سمائنا العالية تلمع، تسكن بنا كأرض خصبة، نغرس نبتتهم الصغيرة، لكننا نتعجل تحولها لشجرة وارفة الظلال تحمينا من أشعة شمس، لقد نحيناهم جانبًا وتصدرنا المشهد، نسيناهم، وهنا مكمن الخطر.

نحن لا نملك آلات أو أجهزة نتحكم فيها عن بعد، نحن مؤتمنون على بشر، على أنفس تختلف عن بعضها البعض، هناك فروق فردية تحكم الموقف، فالذكاء نسبي، قد يبرع أحدهم في علم ما، أو في هواية كنت تلومه على ممارستها، فتكون سببًا في تقدمه وصنع مستقبل له لا يتخيله أحد، مهمتنا تنحصر في توفير أسباب الراحة لهم، نحثهم من وقت لآخر وبلطف شديد على أهمية الاجتهاد والسعي من خلال تبصيرهم بحقيقة الأمر، نذلل لهم العقبات على قدر استطاعتنا، نتذكر أن الرزق بيد الله وحده ـ سبحانه ـ ليس بأيدينا أو بأيديهم.

الضغط المتتالي على الأبناء والغضب منهم والثورة المستمرة عليهم خاصة في فترة الامتحانات قد تكون سببًا رئيسيًا في إزعاجهم وتشتيت أفكارهم، ضعوا نصب أعينكم هذا الأمر جيدًا، تذكروا أنهم ما زالوا صغارًا، وأنهم يجهلون الكثير مما تعلمتموه من تجاربكم، فهم لم يتعرفوا بعد على الحياة بتحدياتها فترفقوا بهم، عاملوهم بعيدًا عن مفهوم المكسب والخسارة، فهم ليسوا بضاعة، وأنتم لستم بتجار تخضعون محبتكم لهم لمبدأ الأدنى أو الأعلى سعرَا.

search