الخميس، 17 يوليو 2025

09:32 م

أمين الجمال يكتب: أسئلة مشروعة حول "البكالوريا" الجديدة

الخميس، 17 يوليو 2025 03:38 م

رئيس التحرير التنفيذي

رئيس التحرير التنفيذي

حالة من الجدل المبرر تسيطر على أغلب الأسر المصرية، والمهتمين بالشأن التعليمي في مصر، حول نظام الثانوية الجديد "البكالوريا"، والذي يعد خياراً مطروحاً أمام الطلبة في المرحلة الثانوية مع النظام التقليدي.

وبمقارنة بسيطة بين النظامين، يتبين أن "البكالوريا" تُقسم الطلبة إلى أربعة مسارات، حسب رغبة الطلبة في الدراسة الجامعية، وهي مسار "الطب وعلوم الحياة"، ومسار "الهندسة والحاسبات"، ومسار "قطاع الأعمال"، ومسار “الآداب والفنون”. والبكالوريا بهذا التصنيف، تحدد مجال الدراسة الجامعية للطالب من المرحلة الثانوية، وفي المقابل تقسم الثانوية بنظامها القديم الطلبة إلى قسمين "علمي" و"أدبي"، فكل من رغب أن يدرس أي تخصص علمي بالجامعة من طب أو هندسة أو علوم أو غيرها، يستطيع أن يلتحق بالقسم العملي، فيما يلتحق بالقسم الأدبي الراغبون من الطلبة في دراسة تخصصات العلوم الإنسانية والآداب.

وبناء على هذا الاختلاف بين النظامين؛ "البكالوريا" و"الثانوية التقليدية"، طرأ تباين في آراء الناس حولهما، حيث فضل فريق "الثانوية" بنظامها التقليدي، لأنها تتيح فرصاً أرحب أمام الطالب، إذ يكون بإمكانه الدراسة في القسم العلمي بالمرحلة الثانوية، ومن ثم تتاح أمامه في الجامعة دراسة تخصصات العلوم الطبية والتخصصات الهندسية ودراسة تخصصات الآداب والعلوم الإنسانية، فإن لم يستطع الالتحاق بالمجموعة الطبية يمكنه الالتحاق بالمجموعة الهندسية وهكذا، من دون الحاجة إلى تغيير مسار في الثانوية بين هاتين المجموعتين.

فيما يكون الطالب مجبراً على تغيير مساره في "البكالوريا"، في حال عدّل رغبته من دراسة الطب وعلوم الحياة، إلى دراسة الهندسة والحاسبات، أو إلى دراسة إدارة الأعمال، أو دراسة الآداب والفنون.

وفي الوقت نفسه، يرى المؤيدون لـ"البكالوريا" أنها تمنح الطلبة فرصة التخصص منذ البداية في مجموعة معينة من المواد التي يرغبون في دراستها، دون أن ترهقهم بدراسة كم كبير من المواد، فمن أراد دراسة الطب عليه الالتحاق بمسار "الطب وعلوم الحياة"، وبذلك تكون المواد أقل إرهاقاً بالنسبة للطالب، على عكس الثانوية بنظامها التقليدي، الذي يتطلب دراسة مواد متعددة في القسم العلمي، ومواد متعددة أخرى في القسم الأدبي.

كما يرى المؤيدون لـ"البكالوريا" أنها تمنح الطالب فرصاً متعددة لتحسين درجاتهم، حتى يتمكنوا من الالتحاق بالتخصص الجامعي الذي يرغبون في دراسته، حتى وإن كانت فرص التحسين برسوم محددة، فيما لا يُسمح للطالب في الثانوية العامة بنظامها التقليدي إلا بفرصة واحدة فقط.

حالة الإرتباك السائدة حالياً بين أولياء أمور الطلبة أمر "صحي" تماماً، لعدة أسباب:

أولاً: لأن ذوي الطلبة يعتبرون الاستثمار في أبنائهم هو الاستثمار الأهم في حياتهم، ولذلك يرون في تخطيهم سنوات الدراسة، والتحاقهم بالجامعات دون معوقات، أمراً ضرورياً.

ثانياً: هناك حالة من الخوف دائماً من الجديد، والذي لم تتضح ملامحه بعد، وبالتالي لا يعرف أحد نتائجه وآثاره.

ثالثاً: أنه على الرغم من طرح فكرة الـ"بكالوريا" قبل نحو عام من الآن، إلا أنها لم تأخذ حظها الكافي من الحوار المجتمعي، وكان من الضروري أن تطرح على الأقل في الميدان التربوي عبر المدارس، لمشاركة المعلمين والإداريين في المدارس، إضافة إلى موجهي المواد الدراسية، في إبداء ملاحظاتهم حولها، وإضافة اقتراحاتهم لتجويدها، وما من مانع في مشاركة أولياء أمور الطلبة باقتراحاتهم ورؤاهم، عن طريق مجالس أولياء الأمور في المدارس.

إن المعلومات المتوفرة عن "البكالوريا" تظهر حولها مجموعة من الأسئلة المشروعة، وسط حالة من الجدل الواسع، التي أثارتها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام حول هذا النظام الجديد، فأصبحت المعلومات لدى ولي أمر الطالب "مشوشة" وفي كثير من الأحيان "مغلوطة"، لذلك فهو في حاجة إلى الرد الواضح حول كثير من الأسئلة العالقة في ذهنه، فهو يريد أن يعلم يقيناً، ما إذا كان هذا النظام سيكون بدايةً من الصف الأول الثانوي أم من الصف الثاني، ليشمل الصفين الثاني والثالث معاً، وكيفية تقسيم المواد الدراسية على العامين الدراسين، وما مقدار الرسوم التي سيدفعها الطالب حال رغب في تحسين درجاته؟. كما أنه لا علم لديه حول ما إذا كان التحسين في شهور الصيف قبل الالتحاق بالجامعة، أم خلال العام الدراسي التالي، وليس لديه علم حول آلية تغيير المسار من مجموعة المواد الطبية مثلاً إلى مجموعة المواد الهندسية، وليس لديه علم حول شكل الامتحانات، وليس لديه علم حول آلية القبول في الكليات.

والأسئلة الأكثر إلحاحاً وأهمية، هل سيقضي نظام البكالوريا الجديد على "بعبع" الثانوية العامة؟، وهل سيحد هذا النظام من تغوّل ظاهرة الدروس الخصوصية؟ وكيف سيتم تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطالب الذي يدرس الثانوية بنظامها التقليدي، وليس أمامه سوى فرصة واحد لتحقيق درجات معينة، تؤهله للالتحاق بالتخصص الجامعي الذي يرغب في دراسته، وبين طالب يدرس الثانوية بنظام البكالوريا وأمامه محاولات متعددة لتحسين درجاته؟

search