أشرف ناجي: قانون 164 لسنة 2025 أعاد التوازن وعدّل مسارًا استثنائيًا استمر لعقود
من الذي دعا الدولة لتكون طرفًا ثالثًا بين المالك والمستأجر (خاص)
الخميس، 07 أغسطس 2025 04:12 م
فاطمة محمد

قانون الايجار القديم
هل يجوز أن تتدخل الدولة في عقد لم تكن طرفًا فيه؟ وتعديل مشروع قانون الايجار القديم؟.. يتبادر هذا السؤال المشروع إلى أذهان الكثيرين، خاصة في ظل جدل ممتد حول قوانين الإيجارات القديمة.
كيف لعقد إيجار تم بالتراضي بين مالك ومستأجر أن تتدخل فيه الدولة طرفًا ثالثًا بالقوة؟ هل هذا قانوني؟ هل هو دستوري؟ ومن سمح للدولة بالتدخل في علاقة يفترض أنها تحكمها الإرادة الحرة للأفراد؟ وهل انتهى هذا الدور أم ما زال مستمرًا؟
أسئلة كثيرة مشروعة، يجيب عليها الخبير القانوني الدكتور أشرف ناجي، في هذا الشرح التفصيلي الذي يوضح الإطار القانوني والدستوري للتدخل في العلاقة التعاقدية، وهل تملكه الدولة أصلًا أم لا.
العقد شريعة المتعاقدين.. فهل تدخل الدولة خرقٌ لهذه القاعدة؟
قال أشرف ناجي، إن القاعدة القانونية الأساسية هي أن العقد شريعة المتعاقدين، طبقًا لنص المادة (147) من القانون المدني المصري التي تنص على:
“العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون”.
وهذا هو الأصل في العلاقة بين المالك والمستأجر باعتبار أن عقد الإيجار عقد رضائي لا يتطلب تدخل جهة ثالثة.
إذًا لماذا تدخلت الدولة؟ وما هو الأساس القانوني والدستوري الذي أعطاها هذا الحق؟
أضاف «ناجي» في تصريحات خاصة لـ «المصري الآن»، أن الدولة تدخلت.. ولكن تحت مظلة القانون والدستور، ولم يكن تدخل الدولة عبثًا أو صدفة، بل استند إلى دوافع اجتماعية وتشريعية ودستورية، تمثلت في:
1ـ مبدأ النظام العام
وفقًا للمادة (1) من القانون المدني:
"تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص..."
ويعني هذا أن المشرع يملك – في الظروف الاستثنائية – أن يفرض قواعد آمرة تمس النظام العام.
2ـ نظرية الحوادث الطارئة
الفقرة الثانية من المادة (147) مدني تقرر:
"إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وجعلت تنفيذ الالتزام مرهقًا... جاز للقاضي أن يرد الالتزام إلى الحد المعقول."
وقد استخدمت هذه النظرية لتبرير التدخل التشريعي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والزيادة السكانية الحادة، وأزمات الإسكان في مصر.
3ـ سلطة الدولة في التنظيم
من حق الدولة استخدام سلطتها في تنظيم حقوق الملكية والإيجار، وتؤكد محكمة النقض المصرية على هذا المبدأ، حيث قضت:
"للمشرع أن يتدخل لتنظيم العلاقة التعاقدية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك حتى لو عدّل من بعض آثار العقد دون أن يُعد هذا إخلالاً بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين."
(الطعن رقم 240 لسنة 43 ق – جلسة 27/3/1979)
المحكمة الدستورية العليا.. التدخل جائز لكن بشروط
وتابع الخبير القانوني: أرست المحكمة الدستورية العليا مبادئ مهمة لحق الدولة في التدخل في عقود الإيجار، على أن يكون:
1. لضرورة اجتماعية ملحة
2. مؤقتًا لا دائمًا
3. ألا يُفرّغ الملكية من مضمونها
في الحكم الصادر في القضية رقم 70 لسنة 18 ق "دستورية" – جلسة 6/5/1998، أكدت المحكمة:
"تقييد حق المالك في استغلال ملكه يجب أن يكون لحماية مصلحة اجتماعية راجحة، وأن يكون هذا القيد مؤقتًا ولا يُعدو أن يكون تنظيمًا لا مصادرة."
وفي القضية رقم 11 لسنة 23 ق – جلسة 3/4/2005، جاء بالحكم:
"عدم معقولية استمرار العلاقة الإيجارية لأجل غير مسمى بما يفرغ ملكية المؤجِّر من مضمونها ويجعلها صورية."
قانون 164 لسنة 2025: عودة إلى الأصل
وأستكمل، أن القانون رقم 164 لسنة 2025، صدر ليُنهي فصول التدخل الاستثنائي، وينص صراحة على:
"انتهاء العمل بكافة قوانين الإيجار القديمة، وإخضاع العلاقات الإيجارية الجديدة لأحكام القانون المدني والعقد شريعة المتعاقدين."
وبالتالي، لم تعد الدولة طرفًا في العلاقة التعاقدية، بل أصبحت العلاقة من جديد تخضع فقط للتراضي والاتفاق بين المالك والمستأجر.
قوانين الإيجار القديمة.. مسار استثنائي طال أمده
وأوضح الدكتور أشرف ناجي، في حديثه مع المصري الآن، قائلاً: في السابق، كانت قوانين الإيجار الاستثنائية تدخلًا مباشرًا من الدولة في العلاقة التعاقدية، مثل:
القانون 121 لسنة 1947
القانون 49 لسنة 1977
القانون 136 لسنة 1981
وغيّرت هذه القوانين طبيعة العلاقة الإيجارية كليًا، حيث فرضت:
قيمة إيجارية محددة جبريًا لا علاقة لها بالعرض والطلب
تحويل العلاقة إلى إيجار ممتد بقوة القانون
تقييد حق المالك في طلب الإخلاء
توريث العلاقة الإيجارية لأجيال
وقد وصفت محكمة النقض هذه القوانين بأنها "استثنائية" في الطعن رقم 683 لسنة 44 ق – جلسة 5/6/1978، وقالت:
"القواعد التي فرضها المشرع على العلاقة بين المؤجر والمستأجر تعتبر استثناءً من القواعد العامة وتفسر في أضيق الحدود."
هل كان تدخل الدولة مخالفًا للدستور؟
أشار «ناجي» إلى أن المسألة ليست في مجرد وجود التدخل، بل في مشروعيته وحدوده وزمنه.
الدستور يجيز للدولة التدخل عند الضرورة، لكنه لا يجيز استمرار الاستثناء بلا أمد.
وقد أكدت المحكمة الدستورية ذلك في حكمها في القضية رقم 70 لسنة 18 ق – جلسة 6/5/1998:
"تنظيم الدولة لعلاقة الإيجار يجب ألا يُخل بحقوق أطراف العقد وألا يُفرّغ الملكية من مضمونها... ولا يجوز أن يكون بغير أمد."
وفي القضية رقم 11 لسنة 23 ق – جلسة 3/4/2005:
"استمرار العلاقة الإيجارية لأجل غير مسمى يمثل عدوانًا على حق الملكية ويتعارض مع أحكام الدستور."
القانون 164.. تصحيح للمسار لا تدخل جديد
وأكد الخبير القانون، أن قانون 164 لسنة 2025 جاء ليُنهي هذا الاستثناء، ويُعيد العلاقة إلى أصلها الطبيعي الخاضع لإرادة الأطراف، ويُرسّخ مبدأ:
"لا يجوز للدولة أن تظل طرفًا في علاقة رضائية بين أفراد إلا بقدر ما تقتضيه الضرورة وبما لا يخل بحقوق الملكية والعدل بين الطرفين."
من دعا الدولة للتدخل؟
قال «ناجي» إن الدولة لم تدخل العلاقة الإيجارية من تلقاء نفسها، بل بدعوة الضرورة الاجتماعية التي كانت ملحّة في وقتها، لكن استمرار هذا التدخل لعقود طويلة جعل الدولة طرفًا ثقيل الظل أخلّ بالتوازن، وهو ما تصدت له المحكمة الدستورية، وانتهت إليه التشريعات الجديدة، مشيرًا إلى أنه آن الأوان أن نعود إلى دولة القانون لا دولة الاستثناءات، وأن نثق أن عقد الإيجار، مثل أي عقد آخر، هو ثمرة إرادتين وليس إرادة الدولة.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
موعد صرف معاشات شهر سبتمبر 2025 وتفاصيل الزيادة الجديدة بنسبة 15٪
07 أغسطس 2025 05:18 م
أسعار الذهب تواصل الارتفاع اليوم الخميس 7 أغسطس 2025
07 أغسطس 2025 01:10 م
الأكثر قراءة
-
سيدة إيرانية متهمة بقتل 11 زوجًا خلال 20 عامًا باستخدام السموم
-
من الذي دعا الدولة لتكون طرفًا ثالثًا بين المالك والمستأجر (خاص)
-
توقعات برج الجوزاء لشهر أغسطس 2025 في المال والحب والزواج والسفر: خطوات ذكية نحو التغيير
-
توقعات الأبراج ليوم الأحد 10 أغسطس 2025 حظك اليوم مليئ والمفاجات في المال والحب والزواج والسفر
-
الدكتور جمال المجايدة يكتب: "وحدة سهم".. سلاح حماس الموجه الى أبناء غزة
أكثر الكلمات انتشاراً