الإفتاء: الزلازل ليست انتقاما من الله تعالى
الثلاثاء، 06 أغسطس 2024 12:07 م
السيد الطنطاوي

دار الإفتاء المصرية
قال الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية، إن ما يحدث من زلازل في بلاد معينة، ليس دليلًا على غضب الله تعالى على أهل تلك البلاد لكونهم عصاة ومذنبين، فالبلاء قد يقع للصالحين كما يقع للعصاة، والواجب على المؤمن وقت حدوث الزلزال أن يتضرع لربه سبحانه بالدعاء، ويكثر من فعل الخير.
وأضاف أنه من المعلوم في ديننا الحنيف أن كل ما يحدث في هذا الكون هو بقدرة الله عزَّ وجلَّ، يقول تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: 73].
جاء ذلك ردا على سؤال من أحد المواطنين يقول: هل الزلازل تعد انتقامًا من الله؟ لان البعض يردد بان الزلزال التي تقع في بعض البلاد تعد انتقامًا وعقابًا من الله عزَّ وجلَّ لأهلها؛ لأنهم عصاة ومذنبون ويستحقون العقاب، فما مدى صحة ذلك شرعًا؟
وأوضح الدكتور شوقي إبراهيم علام أن مما يحدث في الكون الزلازل: وهي عبارةٌ عن هزاتٍ أرضيةٍ تتعرض لها القشرة الأرضية في بعض المناطق.
وقد جاء ذكر الزلازل في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: 1- 2].
وهي آية من آيات الله تعالى من أجل ما يريد الله بذلك من خشية عباده له وفزعهم إليه بالدعاء والتوبة، فالصالح إذا صبر على البلاء نال الأجر والثواب من الله تعالى بصبره على ما أصابه من جراء هذه الزلازل من ضرر، يقول تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 155- 157].
قال الإمام القشيري في "لطائف الإشارات" (1/ 139- 141، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب): [ابتلاهم بالنعمة ليظهر شكرهم، وابتلاهم بالمحنة ليظهر صبرهم، فلما أدخل المعلوم من حالهم في الوجود، ورسمهم بالرقم الذي قسمه، وأثبتهم على الوصف الذي علمه، ابتلاهم بالخوف وفيه تصفية لصدورهم، وبالجوع وفيه تنقية لأبدانهم، وبنقص من الأموال تزكو به نفوسهم، وبمصائب النفوس يعظم بها عند الله أجرهم، وبآفة الثمرات يتضاعف من الله خلفهم. ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، يعني: الذين لا اعتراض لهم على تقديره فيما أمضاه... ﴿قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾: قابلوا الأمر بالصبر، لا بل بالشكر، لا بل بالفرح والفخر... ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾، لما رحمهم في البداية اهتدوا في النهاية] اهـ.
أما العاصي إذا نزل به البلاء فقد يكون عقوبة، أو تخويفًا وإنذارًا له؛ لينتهي عن ارتكاب ما نهى الله عنه، يقول تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ [الإسراء: 59].
قال الإمام البيضاوي في "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (3/ 259، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ﴾، أي: بالآيات المقترحة ﴿إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ من نزول العذاب المستأصل، فإن لم يخافوا نزل] اهـ.
أما بالنسبة لقول بعض الناس: إن ما يحدث من زلازل في بلد معيَّنٍ دليل على أن أهل هذه البلد عصاة مذنبون يستحقون العذاب، فهذا غير صحيح؛ لأن نصوص الشرع الشريف دَلَّتْ على أن البلاء قد يقع للصالحين كما يقع للعصاة، لكنه بالنسبة للصالحين رحمة ورفعة، ينالون عليه الأجر والثواب من الكريم سبحانه، فقد اعتبر الشرع الشريف أن من مات بسبب هذه الزلازل ونحوها له أجر الشهادة التي لا يعادلها أجر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الشهداء خمسة: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» متفق عليه.
والواجب على المؤمن في وقت حدوث الزلزال أن يتذكر قدرة الله تعالى، ويتضرع له بالدعاء، ويكثر من فعل الخيرات، فقد روي عن معاويةَ بنِ حَيدةَ رضِيَ اللهُ عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَإِنَّ صَنَائِعَ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ، وَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ، وَتَقِي الْفَقْرَ. وَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ دَاءً، أَدْنَاهَا الْهَمُّ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".
الرابط المختصر
آخبار تهمك
تحليل: الأسواق ربما تتعرض لصدمة إذا لم يواكب "باول" توقعاتها
15 سبتمبر 2025 03:04 م
ارتفاع احتياطي قطر من الذهب الي 12.5 مليار دولار أمريكي
15 سبتمبر 2025 10:35 ص
تراجع سعر اليورو أمام الجنيه المصري اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025
15 سبتمبر 2025 09:50 ص
أسعار الريال السعودي أمام الجنيه المصري اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025
15 سبتمبر 2025 09:47 ص
الدولار الأمريكي يرتفع اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025 قبل اجتماعات حاسمة للفيدرالي
15 سبتمبر 2025 08:24 ص
أسعار الذهب اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025
15 سبتمبر 2025 08:14 ص
الأكثر قراءة
-
مفتي الجمهورية: ما يحدث في غزة جرح مفتوح في قلب العدالة الإنسانية
-
خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 19 سبتمبر 2025م ـ 27 ربيع الأول 1447هـ
-
خطبة الجمعة القادمة للشيخ خالد القط 27 ربيع الأول 1447هـ ـ 19 سبتمبر 2025م
-
هدى الأتربي تكشف كواليس مشاركتها في "كلهم بيحبوا مودي"
-
حكم القنوت في كل صلاة فجر.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم
أكثر الكلمات انتشاراً