محمد حامد يكتب: سينما المرأة فى مصر.. من عزيزة أمير حتى زينة عبدالباقى
الأربعاء، 23 أبريل 2025 05:17 م
باسم ياسر

الكاتب محمد حامد
لم يكن طريق المرأة مفروشاً بالورود حين بدأت رحلتها فى السينما المصرية، خاصة حين اختارت أن تقف خلف الكاميرا لا أمامها.
لعقود طويلة، ظهرت نساء تحدين الإطار الذكورى لصناعة السينما، وأعدن صياغة شكل الحكاية من منظور أنثوى واعٍ، فصنعن ما يمكن تسميته بـ "سينما المرأة"، لا كنوع مستقل، بل كصوت مختلف على شريط الشاشة الفضية.
تُعد عزيزة أمير أول امرأة تقف خلف الكاميرا فى تاريخ السينما المصرية، بفيلمها الشهير "ليلى" الصامت (1927) وهو الفيلم الذى تناوب على إخراجه ثلاث مخرجين منهم عزيزة أمير التى لم تكن فقط المخرجة، بل كانت أيضًا المنتجة والبطلة كما شاركت فى كتابته.
فى هذا الوقت لم يكن للنساء وجود يُذكر فى هذا المجال. وقد كررت عزيزة أمير تجربة الإخراج بعد ذلك بسنوات فى فيلم "كفرى عن خطيئتك" (1933).
التقطت بهيجة حافظ الخيط من عزيزة أمير وقامت بالإشتراك فى إخراج فيلم "الضحايا" (1937) مع المخرج إبراهيم لاما والذى قدّمت فيه صورة جديدة للمرأة الشرقية، تجمع بين القوة والضعف، الحلم والخذلان.
لكن رغم الريادة، لم تُفتح أبواب السينما تماماً للمرأة وظلت النساء المخرجات لسنوات طويلة يُنظر إليهن كاستثناءات لا قواعد حتى ظهر فى السبعينيات جيل جديد من المخرجات قدمن رؤية نسوية أكثر وعيًا مثل المخرجة إنعام محمد على والتى قدمت في أفلامها نقداً اجتماعياً رصيناً دون صدامية مباشرة ونرى ذلك فى أفلامها "آسفة أرفض الطلاق" (1980) و"يوميات إمرأة عصرية" (1987) قبل أن تركز على الدراما التليفزيونية.
أما المخرجة نبيهة لطفى، والتى تراها تظهر فى فيلم "رسائل البحر" (2010) للمخرج داوود عبدالسيد كممثلة فى دور فرنشسكا، والتى كانت خريجة أول دفعة من المعهد العالى للسينما، فقد اتجهت أكثر نحو السينما التسجيلية، وسجّلت عبر عدستها حياة المهمشين والفقراء والنساء فى الريف، فصارت أفلامها شهادة على زمن وواقع لا نراه فى سينما السوق.
وسط تحوّلات الثمانينات، ظهرت نادية حمزة كمخرجة لا تتردد في طرح قضايا المرأة بشكل صريح، بل وجرىء أحياناً، دون التفاف أو تجميل، ركزت نادية حمزة على أفلام تحمل عناوين مباشرة ومحتوى اجتماعي ضاغط، مثل أفلامها (النساء)، (نساء خلف القضبان)، (المرأة والقانون)، و(معركة النقيب نادية). فى كل هذه الأعمال، لم تكن المرأة مجرد بطلة درامية، بل كانت مركزاً للصراع، وعنواناً لقضية الفيلم.
يصعب الحديث عن سينما المرأة دون التوقف أمام تجربة إيناس الدغيدى، المخرجة التى قررت منذ بداياتها أن تخوض معاركها علناً، داخل الأفلام وخارجها.
انطلقت في الثمانينيات، ووضعت بصمتها من أول فيلم لها وهو فيلم "عفواً أيها القانون" (1985)، الذى تناول قضية قتل الزوج الخائن، ليكون من أوائل الأفلام التى طرحت هذه القضية من منظور نسوى صريح.
كما تميزت أفلامها مثل "امرأة واحدة لا تكفى"، "القاتلة"، و"مذكرات مراهقة" بطرحها المباشر لقضايا شائكة تمس المرأة، وحريتها، ورغباتها، وهو ما وضعها في مواجهة دائمة مع المجتمع، والنقاد، والرقابة. لكنها، فى المقابل، فرضت نفسها كصوت جرىء، حتى لو اختلفت الآراء حول أفلامها فنياً. البعض اعتبرها استفزازية، والبعض الآخر رأى فيها رائدة كسرت الصمت وفتحت باباً كان مغلقاً لعقود.
وتُعد كاملة أبو ذكرى واحدة من أبرز المخرجات المصريات فى الألفينات، وقدّمت في أفلامها رؤى بصرية وإنسانية دقيقة لشخصيات نسائية معقّدة. فى فيلم "واحد صفر" (2009)، تعاملت مع قضايا الطلاق والزواج الثانى والهوية الدينية فى إطار إنسانى بدون ضجة أو شعارات رنانة زائفة.
أما فى "يوم للستات" (2016)، فقدّمت نساءً يحاولن فقط "العيش" وسط مجتمع يقهر إحتياجاتهم فى أبسط أشكالها. أسلوبها الهادئ، واهتمامها بالتفاصيل النفسية الدقيقة، جعل من أفلامها مرآة صادقة لمشاعر المرأة اليومية، دون صخب أو صراخ.
الجيل الجديد من المخرجات لا يحمل بالضرورة لافتة "المرأة" فى أفلامه، لكنه يقدّم سينما شخصية، صادقة، ومليئة بالأسئلة. مثل المخرجة "ساندرا نشأت" التى كانت بدايتها كمخرجة بفيلم من أروع الأفلام الإنسانية وهو فيلم "مبروك وبلبل" (1998) ليحيى الفخرانى ودلال عبدالعزيز.
نجحت ساندرا بعد ذلك فى تقديم أفلام تجارية ناجحة، مثل "ملاكى إسكندرية"، "حرامية فى تايلاند" و"الرهينة"، "المصلحة"، "مسجون ترانزيت"، "ليه خلتنى أحبك"، حيث المرأة ليست موضوعاً فقط، بل ذاتاً راصدة تُراقب وتطرح رؤيتها.
من نفس جيل ساندرا نشأت المخرجة الموهوبة (هالة خليل) والتى بدأت حياتها كمخرجة فى برامج التليفزيون، وفى عام (2004) أخرجت أول أفلامها السينمائية وهو فيلم "أحلى الأوقات".
وبالرغم من أن فيلموجرافيا هالة خليل تضم ثلاثة أفلام فقط حتى الآن إلا أنها قد حصدت العديد من الجوائز فى مصر وخارجها. ففى عام (2006) حصلت على جائزة أحسن إخراج من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عن فيلمها الثانى "قص ولصق" والذى قامت بكتابته أيضاً وقامت ببطولته حنان ترك مع فتحى عبدالوهاب وشريف منير.
أما فيلمها الثالث والأخير "نوارة" (2015) فقد عُرض في كثير من المهرجانات السينمائية الإقليمية والعالمية.
المخرجة مريم أبو عوف ورثت حب الفن من والدها الفنان الراحل عزت أبوعوف، وبالرغم من أنها أخرجت للسينما فيلمين فقط هما "بيبو وبشير" (2011) وشاركت فى إخراج فيلم "18 يوم" فى نفس العام (تحرير 2-2)، إلا أنها صنعت أسلوبها الخاص، القائم على البساطة والاقتراب من الواقع ثم انتقلت بعد ذلك للدراما التليفزيونية وقامت إخراج العديد من المسلسلات الناجحة.
أما زينة أشرف عبدالباقى، فهى تمثل الجيل الأحدث من المخرجات المستقلات، ممن ظهرن فى حديثاً فى مجال السينما خارج منظومة الإنتاج التجارى.
وقد أخرجت زينة فيلم واحد فقط هو "مين يصدق" (2024) والذى لم يُصادف نجاحاً تجارياً كبيراً إلا انه يُظهر بوضوح مولد مخرجة تُجيد استخدام الأساليب البصرية غير التقليدية بطريقة تعكس وجود تيار جديد فى السينما المصرية.
سينما المخرجات في مصر ليست "سينما للمرأة" بالمعنى الأيديولوجى دائماً، لكنها بالتأكيد تقدم نظرة بديلة، تُضىء زوايا مهملة، وتُعيد بناء الحكايات من جذورها. هذه السينما ليست فقط كاميرا بيد امرأة، بل روح تُعيد حكى العالم كما تراه المرأة وتشعر به. هى سينما تُشبه الحياة التى تعيشها النساء فعلاً.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
لاري إليسون يقفز بثروته 40 مليار دولار في يومين ويصبح ثاني أغنى رجل في العالم
16 يونيو 2025 10:26 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الإثنين 16 يونيو
16 يونيو 2025 07:00 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الأحد 15يونيو
15 يونيو 2025 08:00 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم السبت 14 يونيو
14 يونيو 2025 08:00 ص
محاكمة رجل أعمال أمريكي بارز بتهمة تعذيب تاجر بيتكوين في نيويورك لانتزاع رموزه السرية
13 يونيو 2025 08:50 م
أسهم بوينغ تتهاوى بعد كارثة تحطم طائرة "دريملاينر" في الهند
12 يونيو 2025 05:56 م
الأكثر قراءة
-
أمين الجمال يكتب: إيران هزمتها جبهتها الداخلية
-
"روائع الأصوات" في تجويد وترتيل القرآن تعلن عن انطلاق دورتها الأولى لطلبة المدارس
-
بالصور.. تفاصيل حادث انهيار عقار مكون من 3 طوابق وإصابة عاملين بدكرنس
-
إلهام شاهين وهالة سرحان في طريقهما للعودة إلى مصر من العراق
-
سمية الخشاب: وأنا بكح بطلع تريند ومشغولة حاليا بالمرحلة الملكية
أكثر الكلمات انتشاراً