الخميس، 22 مايو 2025

10:28 ص

كلمات قصيدة الأطلال لـ أم كلثوم للشاعر إبراهيم ناجي

الثلاثاء، 20 مايو 2025 10:45 م

آيه بدر

أم كلثوم

أم كلثوم

في لحظة من لحظات الانكسار الإنساني، حيث تتعثر الكلمات أمام وجع الفقد، تبقى قصيدة "يا فؤادي لا تسل أين الهوى" واحدة من أصدق المرايا التي عكست تفاصيل الألم.

غنت هذه القصيدة الخالدة السيدة أم كلثوم، وكتبها الشاعر إبراهيم ناجي، ليست مجرد كلمات مرصوفة على سلم موسيقي، بل هي حكاية قلب جُرحَ وغنّى، حبٍّ صار حديثًا من أحاديث الجوى، بعد أن كان واقعًا يُسكَر من عبيره.

تبدأ القصيدة بنداء داخلي موجع:

"يا فؤادي لا تسل أين الهوى

كان صرحاً من خيالٍ فهوى"

في هذين البيتين، تختزل المأساة كلها؛ حلم كبير، سكن القلب وتربّى في الخيال، ثم سقط فجأة، دون سابق إنذار. وبين أطلال هذا الصرح، لا يجد الشاعر إلا الدموع لتروي قصته، قائلاً:

"إسقنِ و إشرَبْ على أطلالهِ

واروِ عني طالما الدمع روى"

هو الحب الذي تحوّل إلى ماضي لا يُستعاد، إلى ذكرى تُروى لا تُعاش. تساؤلات تتكرر، وحنين يتجدد في كل بيت، في كل تنهيدة، حيث يقول:

"كيف ذاك الحب أمسى خبراً

وحديثاً من أحاديث الجـوى"

وتتوالى صور العشق الموجع، فالشاعر لا ينسى يدًا امتدت إليه، ولا فمًا عذب النداء، ولا بريقًا بعيني الحبيب كان يهتدي به، ليُفاجَأ اليوم بسؤالٍ حارق:

“أين فى عينيك ذيّاك البـريق”

وفي وصف مشاعره، ينتقل من الحنين إلى لوعة الغياب، فيغدو الحب مرارةً لا تُحتمل، ويُصبح الشوق سيفًا يكوي الضلوع. يتحدث عن لقاءٍ كان، وعن خطواتٍ تلاقت على درب القمر، وضحكاتٍ كضحكات الأطفال، قبل أن يوقظه الفجر على واقعٍ لا يرحم:

"وانتبهنا بعد ما زال الرحيق

وأفقنـا ليـت أنّـا لا نفيـق"

ثم تأتي ذروة الألم، حين يطالب الشاعر بحريته، بعدما لم يعد في القيد ما يستحق، يقولها بمرارة رجل لم يَعد يملك شيئًا ليقدّمه:

"أعطني حريتي أطلق يديّ

إنني أعطيت ما استبقيت شيئا"

هنا لا يتحدث فقط عن نهاية علاقة، بل عن لحظة إدراك مؤلمة، أن كل العهود سقطت، وأن ما تبقّى لا يستحق البقاء من أجله، فيسأل:

"ما احتفاظي بعهود لم تصنها

وإلام الأسر والدنيا لديّا"

وفي ختام القصيدة، نراه يستسلم لحكم القدر، في تسليم ناضجٍ تارة، وموجع تارة أخرى. يوقن أن اللقاء قد يجمعهما يومًا، وإن حدث، فقد لا يعرف أحدهما الآخر، وقد يمرّان كغريبين، بعد أن كانت بينهما قصص وهمسات وحياة:

"ربما تجمعنا أقدارنا

ذات يوم بعد ما عز اللقاء

فإذا أنكر خل خله

وتلاقينا لقاء الغرباء"

هكذا ترحل القصيدة من حالة وجدانية إلى أخرى، تُراقص الحنين حينًا وتصفعه حينًا آخر، وتُحلّق بالمستمع في سماء العشق الراحل، قبل أن تسقطه على أرض الواقع الذي لا يرحم.

قصيدة "يا فؤادي لا تسل أين الهوى" لم تكن مجرد عمل شعري، بل كانت رسالة شعورية غنّتها أم كلثوم بكل ما أوتيت من إحساس، لتبقى حتى اليوم صوتا لكل قلب جُرِح، وذاكرة حيّة لحب مات ولم يُدفن بعد.

إقرأ أيضاً:

"العنكبوت النونو" تعود إلى الصدارة.. كلمات لافتة وألحان طريفة

تامر عاشور يطرح أغنية "حبك رزق" من ألبومه الجديد "ياه" عبر يوتيوب

search