عرضًا عسكريًا استثنائيًا في ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي وسط أجواء سياسية مشحونة

تشهد العاصمة الأمريكية حالة من الترقب والاستعداد غير المسبوق، مع اقتراب موعد العرض العسكري الضخم الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمقرر انطلاقه يوم السبت القادم في قلب العاصمة، بالتزامن مع احتفالات الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش الأمريكي، التي تتقاطع أيضًا مع عيد ميلاده التاسع والسبعين.

الحدث المرتقب، والذي يُعد من أضخم العروض العسكرية التي تشهدها واشنطن منذ أكثر من ثلاثة عقود، أثار جدلاً واسعًا داخل الأوساط السياسية والشعبية الأمريكية، لا سيما أنه يأتي في ظل موجة احتجاجات واسعة تشهدها البلاد رفضًا لسياسات الهجرة التي يتبناها الرئيس، إضافة إلى حالة الانقسام المتصاعدة حول توجهات البيت الأبيض في العديد من القضايا الداخلية والخارجية.

تحضيرات أمنية مكثفة وإغلاق شوارع

وبحسب ما نقلته صحيفة واشنطن بوست، فقد بدأت العاصمة استعداداتها المكثفة منذ مطلع الأسبوع، حيث ستُغلق عدة شوارع رئيسية في محيط منطقة العرض لمدة 4 أيام متواصلة، مع إقامة نقاط تفتيش أمنية مشددة، وانتشار مئات المركبات العسكرية في مواقع استراتيجية داخل المدينة.

وتتولى القوات المسلحة الأمريكية بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي تأمين الحدث، فيما حذرت السلطات السكان والزوار من التكدس المروري المحتمل وقيود الحركة غير المعتادة في العاصمة خلال فترة الاحتفالات.

أكبر عرض عسكري منذ حرب الخليج

من المتوقع أن يكون عرض يوم السبت هو الأكبر من نوعه منذ انتهاء حرب الخليج الأولى عام 1991، وسيشمل استعراضًا متنوعًا للقوات البرية والجوية، إلى جانب عروض موسيقية ومهرجانات ثقافية واحتفالات تستمر طوال اليوم في منطقة ناشيونال مول، أشهر ساحات العاصمة.

وتتضمن الفعاليات الرسمية ما يلي:

8:15 صباحًا: وضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول في مقبرة أرلينغتون بولاية فرجينيا.

9:30 صباحًا - 12:30 ظهرًا: مسابقة لياقة بدنية مفتوحة في ناشيونال مول.

11 صباحًا - 6 مساءً: مهرجان عيد ميلاد الجيش، يشمل عروضًا عسكرية حية، معارض للمعدات، موسيقى مباشرة، وشاحنات طعام.

6:30 مساء: انطلاق العرض العسكري الرسمي من شارع 23 قرب نصب لنكولن التذكاري، إلى شارع 15 بجوار نصب واشنطن.

9:45 مساء: اختتام الاحتفالات بعروض ألعاب نارية واستعراضات جوية.

قوات ومعدات بأرقام غير مسبوقة

ووفقًا لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، يشارك في العرض نحو 6,600 جندي، وقرابة 150 مركبة عسكرية، إضافة إلى 50 طائرة ومروحية تمثل مختلف الحقب الزمنية في تاريخ الجيش الأمريكي، بينها دبابات ثقيلة من طراز أبرامز يبلغ وزن الواحدة منها حوالي 70 طنًا، وهو ما يُعد اختبارًا صعبًا للبنية التحتية لشوارع العاصمة.

كما يشمل العرض قفزات مظلية واستعراضات باللباس العسكري القديم والحديث، في مشهد يسعى من خلاله ترامب لإبراز قوة المؤسسة العسكرية ودورها في التاريخ الأمريكي.

الجدل السياسي.. والعرض في عين العاصفة

ورغم ضخامة الحدث، فإن الأجواء السياسية المرافقة له تُلقي بظلالها على العرض. فالمظاهرات المناهضة لسياسات ترامب بشأن الهجرة، والتي انطلقت من لوس أنجلوس وتمددت إلى عدد من المدن، أثارت قلقًا أمنيًا وسياسيًا متزايدًا، خصوصًا بعد إعلان ترامب نشر الحرس الوطني في بعض الولايات، وهي خطوة أثارت انتقادات حادة من المعارضة ومنظمات حقوقية، واعتُبرت تصعيدًا غير مبرر ضد الاحتجاجات السلمية.

كما تواجه الفكرة انتقادات بسبب الكلفة المرتفعة لهذا النوع من العروض في وقت تعاني فيه قطاعات خدمية من نقص في التمويل، وهو ما أشار إليه عدد من أعضاء الكونغرس الذين وصفوا الحدث بأنه "استعراض شخصي للقوة".

يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يسعى فيها ترامب لتنظيم عرض عسكري ضخم، فقد حاول تنفيذ فكرة مماثلة خلال ولايته الأولى بعد مشاهدته العرض العسكري الفرنسي في يوم الباستيل عام 2017، إلا أن المشروع وُوجه آنذاك برفض واسع وتم تجميده.

مستقبل العرض: احتفال وطني أم ساحة انقسام؟

في ظل ما تشهده الولايات المتحدة من استقطاب سياسي، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان عرض يوم السبت سيُسجّل في الذاكرة الوطنية كاحتفال بتقاليد الجيش الأمريكي وتاريخه العريق، أم سيتحول إلى نقطة جدل إضافية في المشهد السياسي المتأزم.

وبينما تتأهب العاصمة للاحتفال، تظل الأنظار مترقبة لما قد تحمله الساعات القادمة من تطورات، سواء في الشارع أو داخل أروقة السياسة الأمريكية.

اخبار ذات صله 

تصاعد التوتر في كاليفورنيا: اعتقالات في سان فرانسيسكو وتحول وسط لوس أنجلوس إلى ساحة مواجهة بسبب سياسة ترامب ضد الهجرة

لوس أنجلوس تشتعل: اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة وسط غضب شعبي من سياسات الهجرة

لوس أنجلوس تتحول إلى "منطقة تجمع غير قانوني" بعد تصاعد الاحتجاجات لليوم الثالث