الأحد، 17 أغسطس 2025

01:26 ص

من الوتد إلى الواقع... مأساة فاطمة تعلبة تتكرر في حياة هدى سلطان

الجمعة، 15 أغسطس 2025 11:04 م

آيه بدر

هدى سلطان

هدى سلطان

في مثل هذا اليوم من كل عام، يستعيد الوسط الفني والجمهور ذكريات واحدة من أهم النجمات في تاريخ الدراما والسينما المصرية، الفنانة الكبيرة هدى سلطان، التي تركت بصمة فنية لا تُنسى بأدائها المميز وإحساسها الصادق في مختلف الأدوار، وخاصة في تجسيد شخصية الأم المصرية الأصيلة. 

فقد عُرفت الراحلة بقدرتها الفائقة على نقل مشاعر الأم الحقيقية، المليئة بالحب والصلابة في آن واحد، إلى الشاشة، حتى شعر المشاهدون وكأنهم يرون أمامهم أمهم أو جدتهم.

من بين كل الشخصيات التي جسدتها خلال مسيرتها الحافلة، تبقى شخصية فاطمة تعلبة في مسلسل الوتد الذي أُذيع لأول مرة عام 1996 هي الأشهر والأكثر تأثيرًا في قلوب الجمهور. 

فقد قدمت هدى سلطان نموذج الأم القوية، الصارمة حين يلزم الأمر، الحنونة في كل الأوقات، التي تحرص على لمّ شمل أسرتها وحمايتها مهما كانت الظروف. في العمل، قادت فاطمة تعلبة عائلتها الكبيرة المكونة من أبناء وبنات وأزواجهم، محافظة على تماسكهم ومكانتهم في القرية، ساعية لزيادة ممتلكاتهم من الأراضي الزراعية لتأمين مستقبلهم.

المفارقة أن الدور لم يكن مكتوبًا لها في البداية، إذ عُرض على الفنانة سميحة أيوب، لكن قبل أن تحسم الأخيرة قرارها، كانت هدى سلطان قد بدأت تصوير المشاهد بالفعل، لتصبح الشخصية لاحقًا مرتبطة باسمها بشكل وثيق، حتى أن الجمهور صار يلقبها بـ"فاطنة تعلبة" في حياتها اليومية.

هدى سلطان لم تتعامل مع الدور كمجرد تمثيل، بل عاشته بكل تفاصيله حتى خلف الكواليس، فكانت تنادي زملاءها الذين جسدوا أدوار أبنائها بـ"يا ابني" أو "يا بنتي"، وتحرص على خلق أجواء أسرية دافئة في الاستوديو. 

وفي تصريحات سابقة، أكدت أن صدق المشاعر بين أفراد العمل كان السبب في نجاح المسلسل، مضيفة أنها حتى في بيتها كانت تتحدث باللهجة الفلاحية، ما أثار دهشة حفيدتها "نبيلة" التي كانت تدرس في مدرسة أجنبية.

ولزيادة واقعية الشخصية، قررت هدى سلطان الاستغناء تمامًا عن مستحضرات التجميل أثناء التصوير، مكتفية بالجلابية والطرحة الفلاحي، ورفضت مغادرة موقع التصوير في كثير من الأيام لشدة تعلقها بالدور. 

وأشارت في أحد حواراتها إلى أنها بكت بحرقة عند تصوير مشهد وفاة "فاطمة تعلبة" لأنها شعرت بأنها تودع شخصية أصبحت جزءًا من حياتها.

الغريب أن النهاية المأساوية للشخصية في المسلسل وجدت صدى مؤلمًا في حياة هدى سلطان الحقيقية، ففي الوتد، تفقد فاطمة تعلبة ابنها الأكبر الحاج درويش — الذي جسده الفنان يوسف شعبان — بعد أن يموت حزنًا عليها وهي طريحة الفراش، ثم تلحق به بعد أيام قليلة.

وبعد سنوات من عرض المسلسل، عاشت هدى سلطان تجربة مشابهة على أرض الواقع، إذ رحلت في 5 يونيو 2006 بعد صراع مع مرض سرطان الرئة استمر 5 سنوات، أبقته سرًا عن عائلتها. لكن الصدمة الأكبر كانت قبل رحيلها بأسابيع، حين فقدت ابنتها «مها» بشكل مفاجئ. وبحسب شهادة الفنانة رانيا فريد شوقي، كان لوفاة مها أثر بالغ القسوة على قلب هدى سلطان، فلم تتحمل الفقد، ولحقت بابنتها بعد نحو 50 يومًا فقط، في مشهد يكاد يطابق أحداث الوتد لكن هذه المرة كان الواقع أكثر قسوة من الدراما.

هكذا، بقيت هدى سلطان حاضرة في ذاكرة الفن المصري، ليس فقط كنجمة من زمن الفن الجميل، بل كأيقونة إنسانية عاشت أدوارها بصدق حتى امتزجت حياتها بالفن، لتبقى «فاطمة تعلبة» شاهدًا خالدًا على مسيرتها، وحكاية عن الأم المصرية التي لا تنكسر إلا أمام فقد أعز ما تملك.

إقرأ أيضاً:

رسالة نانسى عجرم لأنغام: أتمنى نرجع نشوفها بأسرع وقت

فيلم درويش يتصدر شباك التذاكر فى ثانى أيام عرضه

search