تعرف على فضل صلاة الزوال وعدد ركعاتها
الجمعة، 03 أكتوبر 2025 11:53 ص
السيد الطنطاوي

دكتور نظير عياد
سائل يقول: سمعتُ أنَّ هناك صلاة اسمها صلاة الزوال، فما هي؟ وما فضلها؟ وكم عدد ركعاتها؟ وهل هي سُنَّة الظهر القَبلية أو هي سُنَّة مستقلة؟
الجواب:
قال الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، إن صلاة الزوال أربع ركعات تُصلَّى بتسليم واحد في آخرهن، وقيل: ركعتين، تُصلَّى بعد زوال الشمس وقبل صلاة الظهر، وقد واظب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، وبشَّر مَن واظب على فعلها بتحريمه على النار، واختلف الفقهاء هل هي سنة الظهر أو لا، وهذا الباب من فضائل الأعمال والأمر فيه واسع، فمَن شاء صَلَّى سنة الزوال وصلَّى أيضًا سنة الظهر على مذهب الشافعية والحنابلة، ومن شاء اقتصر على سنة الظهر التي هي عين سُنَّة الزوال على مذهب الحنفية، فالعبرة في ذلك حيث يجد المسلم قَلبَه.
فضل المحافظة على صلاة النوافل
وأضاف الدكتور نظير عياد: حثَّ الشرع الشريف على الإكثار مِن النوافل، ورغَّب فيها، ورتَّب على ذلك الأجر العظيم؛ إذ الإكثار مِن النوافل سبب في قُرب العبد من ربه ومحبة الله تعالى له، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» أخرجه البخاري.
قال العلامة المُظهِري الحنفي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (3/ 137، ط. دار النوادر): [مثال الـمُؤدِّي للفرائض والنوافل جميعًا كمَن عليه دَينٌ لأحدٍ، فإذا أدَّى دَيْنَه موفرًا كاملًا عن غير مَطْلٍ يحبُّه، ولو أدَّى دَينه وزادَ عليه شيئًا من ماله غيرَ ما وجب عليه لا شكَّ أنَّ آخِذَ الدَّيْن أشدُّ حُبًّا له بأخذ الدَّين والشيءِ الزائد من أخذ الدَّين، فكذلك مَن أدَّى فرائضَ الله تعالى يحبُّه الله، ومَن أدَّى الفرائضَ والنوافلَ يزيدُ حبُّ الله له، فبقدرِ ما زاد من النوافل يزيدُ حبُّ الله له، حتى صار عبدًا مُخلصًا مُرْضِيًا لله تعالى] اهـ.
ويدخل ضمن هذه النوافل بهذا الفَضْل السابق: "صلاة الزوال"، أو "سُنَّة الزوال".
بيان المراد من صلاة الزوال
قد اختلف الفقهاء في المراد بصلاة الزوال، هل المراد بها سُنَّة الظهر الراتبة التي تُصلَّى قبله، أم هي سُنَّة مستقلة غير سُنَّة الظهر؟
فيرى الحنفية أَنَّ صلاة الزوال ليست سُنَّة مستقلة، والمراد بها سُنَّة الظهر الراتبة التي قَبْله، وتُصَلَّى بسلامٍ واحدٍ في آخرهن.
قال العلامة المُظهِري الحنفي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (2/ 254): [وروي: أنَّه عليه السلام كان يُصلي أربع ركعاتٍ بعد الزوالِ، لا يسلِّمُ إلا في آخرهنَّ، وقال: "إنها ساعةٌ تُفْتَحُ فيها أبوابُ السماءِ فأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ"، قوله: "كان يصلِّي أربع ركعاتٍ بعدَ الزَّوَالِ لا يُسلِّمُ إلا في آخرهنَّ، فقال: إنها ساعة تُفْتَحُ فيها أبوابُ السماء"، أراد بهذه الأربعِ سُنَّةَ الظهرِ التي قبلَها] اهـ.
وقال المُلَّا علي القاري الحنفي في "مرقاة المفاتيح" (3/ 894، ط. دار الفكر): [(وعن عبد الله بن السائب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر): وتلك الركعات الأربع سُنَّة الظهر التي قبله، كذا قاله بعض الشراح من علمائنا، وأراد به الرد على من زعم أنها غيرها وسماها سُنَّة الزوال] اهـ.
وعمدة استدلالهم في ذلك حديث أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» أخرجه التِّرمِذِي وابن ماجه.
فالحديث دالٌّ بظاهره على أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسَلَّم كان يُصَلِّي أربع ركعات قبل الظهر ولم يخص ذلك بكونها سُنَّة الزوال، فحُملت على أنها سُنَّة الظهر القَبْليَّة؛ إذ المنصوص عليه أنَّ مِن السنن الرواتب صلاة أربع ركعات قبل الظهر.
ويرى الشافعية أنَّ صلاة الزوال سُنَّة مستقلة غير سُنَّة الظهر، وهي أربع ركعات تُصلَّى بتسليمٍ واحد في آخرهن، وقيل: ركعتان، ووقتها بعد زوال الشمس وقبل صلاة الظهر. ومعنى زوال الشمس: هو ميلها عن وسط السماء جهة الغروب، كما أفاده الإمام ابن حجر الهَيْتَمي الشافعي في "المنهاج القويم" (ص: 70، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (2/ 123، ط. دار الفكر): [وصلاة الزوال بعده وهي ركعتان أو أربع] اهـ.
وقال العلامة الشَّبْرَامَلِّسِي مُحشِّيًا عليه: [(قوله: وصلاة الزوال بعده) أي: فلو قدَّمها عليه لم تنعقد... (قوله: وهي ركعتان أو أربع) وهي غير سُنَّة الظهر كما يُعلم من إفرادها بالذكر بعد الرواتب... قال شيخنا: قال الحافظ العراقي: وممن نص على استحبابها الغزالي في "الإحياء" في كتاب الأوراد، ليس فيهن تسليم: أي ليس بين كل ركعتين منها فصل بسلام] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهَيْتَمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/ 233، ط. المكتبة الإسلامية): [وسُنَّة الزوال أربع وهي غير سُنَّة الظهر التي هي أربع أيضًا، وكان صلى الله عليه وآله وسلم ربما جمع وربما اقتصر على ركعتين بحسب فراغه صلى الله عليه وآله وسلم واشتغاله] اهـ.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن صلاة الزوال عندهم صلاة ذات سبب، فتحصل بصلاة سُنَّة الظهر ما لم ينفها، قال العلامة الشَّبْرَامَلِّسِي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (2/ 122، ط. دار الفكر): [ويحتمل عدمُ سَنِّ قضاءِ سُنَّةِ الزوال؛ لتصريحه م ر بأنها ذات سبب، فإذا صَلَّى سُنَّة الظهر حصل بها سُنَّة الزوال ما لم ينفها، قياسًا على ما مَرَّ في تحية المسجد] اهـ. والمقصود بـ (م ر) أي: الشمس الرملي صاحب "النهاية".
والمفهوم من سياق عبارات فقهاء الحنابلة يوافق ما ذهب إليه الشافعية حيث نصُّوا على أنه يستحب صلاة أربع ركعات قبل الظهر وهنَّ غير سُنَّة الظهر الراتبة، والأربع التي تُصلى قبل الظهر غير السنة الراتبة هي سُنَّة الزوال.
قال العلامة شرف الدين أبو النجا في "الإقناع في فقه الإمام أحمد" (1/ 146، ط. دار المعرفة): [ويُسَنُّ غير الرواتب: أربع قبل الظهر وأربع بعدها] اهـ.
وعمدة استدلالهم في ذلك حديث أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَدْمَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا هَذِهِ الرَّكَعَاتُ الَّتِي أَرَاكَ قَدْ أَدْمَنْتَهَا؟ قَالَ: «إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَلَا تُرْتَجُ حَتَّى يُصَلَّى الظُّهْرُ، فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا خَيْرٌ» أخرجه الإمام أحمد.
وعلى كل حالٍ فالأمر في ذلك واسع، والصواب في مثل هذا الباب من العبادات وفضائل الأعمال ترك الناس كلٌّ على حسب قدرته واجتهاده، فمن شاء أخذ بمذهب الشافعية والحنابلة وصَلَّى سُنَّة الزوال أربعًا، ومَن شاء أخذ بمذهب الحنفية واقتصر على سُنَّة الظهر القَبليَّة أربعًا وحاز بها الأجر والثواب، والعبرة في ذلك حيث يجد المسلم قلبه، وليس لأحد أن ينكر على الآخر في مثل ذلك ما دام الأمر فيه واسعًا.
الخلاصة
واختتم فضيلته: بناءً على ذلك: فإن صلاة الزوال تكون أربع ركعات، تُصلَّى بتسليم واحد في آخرهن، وقيل: ركعتين، تُصلَّى بعد زوال الشمس وقبل صلاة الظهر، قد واظب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، وبشَّر مَن واظب على فعلها بتحريمه على النار، وهذا الباب من فضائل الأعمال والأمر فيه واسع، فمَن شاء قلَّد الشافعية والحنابلة فصَلَّاها وسنة الظهر، ومن شاء قلَّد الحنفية واقتصر على سُنَّة الظهر التي هي عين سُنَّة الزوال فالعبرة في ذلك حيث يجد المسلم قَلبَه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
اقرأ أيضا:
ما حكم ترك موظف الأمن لصلاة الجمعة؟.. دكتور علي جمعة يجيب
حكم البيع الالكتروني بالموبايل وقت صلاة الجمعة.. مفتي الجمهورية يوضح
خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف 11 ربيع الآخر 1447هـ ـ 3 أكتوبر 2025م
انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى محافظة شمال سيناء
القراءة الجماعية للقرآن الكريم.. دكتور شوقي علام يوضح الحكم
خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 11 ربيع الآخر 1447هـ ـ 3 أكتوبر 2025م
خطبة الجمعة القادمة للشيخ خالد القط 11 ربيع الآخر 1447هـ ـ 3 أكتوبر 2025م
من فتاوى الشيخ عبد اللطيف حمزة.. حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية
مفتي الجمهورية السابق يبين مشروعية سجود التلاوة
قراءة سورة السجدة في صلاة الفجر كل جمعة.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم
خطبة الجمعة القادمة للشيخ خالد القط 4 ربيع الآخر 1447هـ ـ 26 سبتمبر 2025م
الخروج من المسجد بعد الأذان.. دكتور شوقي علام يوضح الحكم
مفتي الجمهورية الاسبق يحذر من الإفتاء بغير علم
حكم تقبيل يد الوالدين والعلماء والصالحين.. مفتي الجمهورية يوضح
الأوقاف تصدر دليل زاد الأئمة لخطبة الجمعة 26 سبتمبر 2025م ـ 4 ربيع الآخر 1447هـ
مفتي الجمهورية الأسبق يبين الحكمة من تفاوت الأرزاق بين الناس
لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم
مفتي الجمهورية: برامج تدريبية وتأهيلية للعلماء والمفتين بدولة كازاخستان
خطبة وزارة الأوقاف اليوم الجمعة 27 ربيع الأول 1447هـ ـ 19 سبتمبر 2025م
خطبة الجمعة القادمة للشيخ خالد القط 27 ربيع الأول 1447هـ ـ 19 سبتمبر 2025م
خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 19 سبتمبر 2025م ـ 27 ربيع الأول 1447هـ
متى يباح للمصلي قطع الصلاة؟.. دكتور شوقي علام يجيب
حكم القنوت في كل صلاة فجر.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم
مفتي الجمهورية يحذر من "زواج النفحة": احتيال على الشرع
مفتي الجمهورية: ما يحدث في غزة جرح مفتوح في قلب العدالة الإنسانية
القدر الواجب على المسلم حفظه من القرآن الكريم.. دكتور على جمعة يوضح
كيف أحدد ساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة؟.. دكتور شوقي علام يجيب
ذكر اسم شخص والدعاء له في الصلاة.. دكتور شوقي علام يوضح الحكم
الأوقاف تصدر دليل زاد الأئمة لخطبة الجمعة 19 سبتمبر 2025م ـ 27 ربيع الأول 1447هـ
السيد الطنطاوي يكتب: الإنسان بين كاميرا الموبايل والكاميرا الإلهية!!
حكم الذكر والابتهالات الجماعية.. دكتور علي جمعة يوضح
دكتور شوقي علام: قراءة القرآن للأموات بالمقابر ليست بدعة
الرابط المختصر
آخبار تهمك
أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025
03 أكتوبر 2025 11:22 ص
أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025
03 أكتوبر 2025 10:50 ص
استقرار سعر الدرهم الإماراتي أمام الجنيه المصري في تعاملات الجمعة 3 أكتوبر 2025
03 أكتوبر 2025 10:48 ص
استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025
03 أكتوبر 2025 10:44 ص
استقرار سعر اليورو أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 أكتوبر
03 أكتوبر 2025 10:41 ص
استقرار سعر الدينار الكويتي أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025
03 أكتوبر 2025 10:38 ص
الأكثر قراءة
-
خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف 11 ربيع الآخر 1447هـ ـ 3 أكتوبر 2025م
-
حكم البيع الالكتروني بالموبايل وقت صلاة الجمعة.. مفتي الجمهورية يوضح
-
اليوم.. فصل الكهرباء عن مناطق في بنها وقطع مياه الشرب بمناطق بالجيزة
-
ما حكم ترك موظف الأمن لصلاة الجمعة؟.. دكتور علي جمعة يجيب
-
مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة لها
-
الزراعة: تمديد موسم استلام الأسمدة الصيفية حتى 10 أكتوبر المقبل
-
نادي مسار يقدم شكوى رسمية ضد حكم مباراته مع أبو قير للأسمدة في دوري المحترفين
-
الزراعة: إزالة 105 حالات تعد على الأراضي الزراعية خلال سبتمبر الماضي
-
وزير الكهرباء يبحث مع "مينج يانج" الصينية توطين صناعة توربينات الرياح
-
وزير الزراعة يوجّه بتكثيف التوعية بأصناف القمح المناسبة لكل محافظة
أكثر الكلمات انتشاراً