الإثنين، 29 سبتمبر 2025

06:47 م

خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 11 ربيع الآخر 1447هـ ـ 3 أكتوبر 2025م

الإثنين، 29 سبتمبر 2025 10:57 ص

السيد الطنطاوي

خلال الصلاة

خلال الصلاة

أعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 11 ربيع الآخر 1447هـ الموافق 3 أكتوبر 2025م، بعنوان “شَرَفُ الدِّفَاعِ عَنِ الأَوْطَانِ"، وأوضحت وزارة الأوقاف أن خطبة الجمعة القادمة تهدف إلى التوعية بوجوب وشرف الدفاع عن الوطن والعرض.

وينشر “المصري الآن”نص خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير بتاريخ 11 ربيع الآخر 1447هـ ـ 3 أكتوبر 2025م.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 3 أكتوبر 2025 بعنوان: شَرَفُ الدِّفَاعِ عَنِ الأَوْطَانِ، للدكتور خالد بدير، كما يلي:

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 3 أكتوبر 2025م، للدكتور خالد بدير، بعنوان : شَرَفُ الدِّفَاعِ عَنِ الأَوْطَانِ: كما يلي:

أولًا: حبُّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ.

ثانيًا: الموتُ دفاعًا عن الأوطانِ شهادةٌ في سبيلِ الله.

ثالثًا: أثرُ الروحِ المعنويةِ للجنودِ في نصرِ أكتوبرِ المجيدِ.

رابعًا: وسائلُ الدفاعِ عن الأوطانِ.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 3 أكتوبر 2025م، للدكتور خالد بدير، بعنوان: شَرَفُ الدِّفَاعِ عَنِ الأَوْطَانِ: كما يلي:

شرف الدفاع عن الأوطان

بتاريخ: 11 ربيع الثاني 1447هـ – 3 أكتوبر 2025م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

أولًا: حبُّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ.

إنَّ حبَّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ في جميعِ الكائناتِ الحيةِ، من إنسانٍ وحيوانٍ وطيرٍ، بل إنَّ بعضَ المخلوقاتِ إذا تمَّ نقلُهَا عن موطنِهَا الأصليِّ فإنَّها تموتُ، ولذا يقولُ الأصمعيُّ – رحمه اللهُ -:” ثلاثُ خصالٍ في ثلاثةٍ أصنافٍ من الحيواناتِ: الإبلُ تحنُّ إلى أوطانِها وإنْ كان عهدُها بها بعيدًا، والطيرُ إلى وكرِه وإن كان موضعُه مجدبًا، والإنسانُ إلى وطنهِ وإن كان غيرُه أكثر نفعًا “.  (المجالسة وجواهر العلم – أحمد بن مروان الدينوري).

لذلك كان مِن حقِّ الوطنِ علينا أنْ نحبَّهُ، وهذا ما أعلنهُ النبيُّ ﷺ وهو يتركُ مكةَ تركًا مؤقتًا، فعن عبدِ اللهِ بنِ عدي أنَّهُ سمعَ رسولَ اللهِ ﷺ وهو واقفٌ على راحلتِهِ بالحَزْوَرَة مِنْ مَكَّةَ يَقُول: “وَالله إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرضِ اللهِ وَأحَبُّ أرْضِ اللهِ إِلىَ اللهِ، وَلَوْلاَ أنِّي أخْرِجْتُ مِنْكِ مَاَ خَرَجْتُ” (الترمذي وحسنه).

فما أروعَهَا من كلماتٍ! كلماتٌ قالهَا الحبيبُ ﷺ وهو يودِّعُ وطنَهُ، إنَّها تكشفُ عن حبٍّ عميقٍ، وتعلُّقٍ كبيرٍ بالوطنِ، بمكةَ المكرمةِ، بحلِّهَا وحَرَمِهَا، بجبالِها ووديانِها، برملِها وصخورِها، بمائِهَا وهوائِهَا، هواؤُهَا عليلٌ ولو كان محمَّلًا بالغبارِ، وماؤُهَا زلالٌ ولو خالطَهُ الأكدارُ، وتربتُهَا دواءٌ ولو كانت قفارًا.

قال الحافظُ الذهبيُّ مُعَدِّدًا طائفةً مِن محبوباتِهِ ﷺ:” وكان يحبُّ عائشةَ، ويحبُّ أَبَاهَا، ويحبُّ أسامةَ، ويحبُ سِبطَيْهِ، ويحبُ الحلواءَ والعسلَ، ويحبُ جبلَ أُحُدٍ، ويحبُ وطنَهُ”. (سير أعلام النبلاء). 

ولتعلقِ النبيِّ ﷺ بوطنِهِ الذي نشأَ وترعرعَ فيهِ ووفائِه لهُ وانتمائِهِ إليهِ، دعَا ربَّهُ لمَّا وصلَ المدينةَ أنْ يغرسَ فيهِ حبَّهَا فقالَ: ” اللهمَّ حبِّبْ إلينا المدينةَ كحُبِّنا مكةَ أو أشدَّ”. (البخاري ومسلم).

وقد استجابَ اللهُ دعاءَهُ، فكان يحبُّ المدينةَ حبًّا عظيمًا، وكان يُسَرُّ عندما يَرى معالِمَهَا التي تدلُّ على قربِ وصولِهِ إليهَا، فعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ تعالى عنه قال: “كان رسولُ اللهِ ﷺ إذَا قدمَ مِن سفرٍ، فأبصرَ درجاتِ المدينةِ، أوضعَ ناقتَهُ – أي: أسرعَ بهَا – وإنْ كانتْ دابةً حرَّكَهَا”، أي “حركهَا مِن حبِّها”. (البخاري).

ومع كلِّ هذا الحبِ للمدينةِ لم يستطعْ أنْ ينسىَ حبَّ مكةَ لحظةً واحدةً؛ لأنَّ نفسَهُ وعقلَهُ وخاطرَهُ في شغلٍ دائمٍ وتفكيرٍ مستمرٍ في حبِّهَا، فقد أخرجَ الأزرقيُّ في “أخبار مكة” عن ابنِ شهابٍ قال: قدمَ أصيلٌ الغفاريُّ قبلَ أنْ يُضربَ الحجابُ على أزواجِ النبيِّ ﷺ فدخلَ على عائشةَ -رضي اللهُ عنها- فقالتْ له: يا أصيلُ: كيف عهدتَ مكةَ؟! قال: عهدتُها قد أخصبَ جنابُهَا، وابيضتْ بطحاؤُهَا، قالتْ: أقمْ حتى يأتيكَ النبيُّ ﷺ ، فلم يلبثْ أنْ دخلَ النبيُّ ﷺ ، فقالَ له: “يا أصيلُ: كيف عهدتَ مكةَ؟!”، قال: واللهِ عهدتُهَا قد أخصبَ جنابُهَا، وابيضتْ بطحاؤُهَا، وأغدقَ إذخرُهَا، وأسلتْ ثمامُهَا، فقالَ: “حسبُكَ -يا أصيلُ- لا تُحزِنَّا”. وفي روايةٍ أُخرى قالَ: “ويها يا أصيلُ! دعْ القلوبَ تقرُّ قرارَهًا”.

 وهكذا يظهرُ لنَا أهميةُ حبِّ الوطنِ والانتماءِ إليهِ في الإسلامِ.

ثانيًا: الموتُ دفاعًا عن الأوطانِ شهادةٌ في سبيلِ اللهِ.

إنَّ الإسلامَ أوجبَ علي الإنسانِ الحفاظَ على وطنهِ، وشرعَ الجهادَ مِن أجلِ الدفاعِ عن العقيدةِ والوطنِ، ودعَا إلي حمايةِ الوطنِ مِن أعدائهِ، ومِمَّن يريدونَهُ بسوءٍ، وقد أكد الرسول ﷺ في خطبة الوداع على حرمة سفك دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم فقال: ” إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ؛ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا؛ فِي شَهْرِكُمْ هَذَا؛ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ؛ إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ….” (البخاري ومسلم). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ …” (البخاري ومسلم)؛ وقد نظرَ ابنُ عمرَ إلى الكعبةِ حيثُ الجمالُ والجلالُ والكمالُ والهيبةُ والحرمةُ فقالَ: ما أعظمَكِ! وما أشدَّ حرمتَكِ، وواللهِ للمسلمِ أشدُّ حرمةً عند اللهِ منكِ. وقال ابنُ عمرَ:” إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ “. (البخاري).  وعندَ البخارِي – أيضًا – عن ابنِ عمرَ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:” لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا “.

كما حمَى الإسلامُ الأعراضَ وصانَهَا، وحرَّمَ الاعتداءَ عليهَا بالإيذاءِ أو النظرِ أو القذفِ، وجعلَ مَن يُقتلُ دفاعًا عن عرضِهِ شهيدًا، أو بمنزلةِ الشهيدِ، قال ﷺ: “وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ” (أبوداود والترمذي والنسائي). وتوعدَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى الذين يحبونَ أنْ تشيعَ الفاحشةُ في المؤمنين، بالعذابِ الأليمِ، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (النور: 19)؛ وحرمةُ الأعراضِ حرمةٌ عظيمةٌ، وصدقَ مَن قالَ: والمالُ يغشَى أُناسًا لا طَبَاخَ لهم   كالسيلِ يغشى أُصولَ الدِّندِنِ البالي

أصـونُ عرضِي بمالِي لا أدنسُهُ          لا باركَ اللهُ بعدَ العرضِ في المالِ

ويدخلُ في تعدادِ الشهداءِ أيضًا كلُّ مَن يدافعُ عن الدينِ والمالِ والوطنِ، فعن سعيدِ بنِ زيدٍ قال ﷺ: “مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ” (الترمذي وحسنه).

كما يدخلُ في ذلك أيضًا الجنودُ المرابطونَ الذين يسهرونَ ليلَهُم في حراسةِ هذا الوطنِ والدفاعِ عنه وحمايةِ منشآتِهِ، وقد ذكرَهُم الرَسُولُ ﷺ بقولِهِ:” عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ؛ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” (الترمذي والطبراني).

ثالثًا: أثرُ الروحِ المعنويةِ للجنودِ في نصرِ أكتوبرِ المجيدِ.

لقد كان للروحِ المعنويةِ والإيمانيةِ أثرٌ كبيرٌ في نصرِ حربِ أكتوبرِ المجيد، ومِن المسِلَّمِ بهِ أنَّ التعبئةَ الروحيةَ والإيمانيةَ للجنودِ لهَا دورٌ كبيرٌ في النصرِ على مرِّ العصورِ والقرونِ، ولنَا الأسوةُ الحسنةُ في نبيِّنَا ﷺ فقد حرصَ في قيادتِهِ لجندِهِ أنْ يرفعَ الروحَ المعنويةَ لديهِم وبقاءهَا كذلك، وفي جميعِ غزواتِهِ يبعثُ فيهِم الأملَ والتفاؤلَ والغدَ المشرقَ، ففي غزوةِ بدرٍ يبعثُ فيهِم روحَ النصرِ والأملِ بقولِهِ: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ»، وقولِهِ: ” سيرُوا وأبشرُوا، فإنَّ اللهَ تعالى قد وعدنِي إحدَى الطائفتينِ، واللهِ لكأنِّي الآنَ أنظرُ إلى مصارعِ القومِ، ثم قالَ: هذا مصرعُ فلانٍ غدًا إنْ شاءَ اللهُ – ووضعَ يدَهُ بالأرضِ – وهذا مصرعُ فلانٍ غدًا إنْ شاءَ اللهُ، وهذا مصرعُ فلانٍ غدًا إنْ شاءَ اللهُ، قالَ عمرُ: فو الذي بعثَهُ بالحقِّ ما أخطأُوا الحدودَ التي حدّهَا رسولُ اللهِ ﷺ.” ( سبل الهدى والرشاد).

وقد أثرتْ هذه التعبئةُ المعنويةُ في نفوسِ أصحابِهِ رضوانُ اللهِ عليهِم والذينَ جاءُوا مِن بعدِهِم بإحسانٍ.‏

وفي غزوةِ الأحزابِ اشتدتْ صخرةٌ في حفرِ الخندقِ لم يستطعْ الصحابةُ حفرَهَا، فيأتِي ﷺ يضربُهَا ثلاثَ ضرباتٍ بمعولِهِ، ويخبرُ –متفائلًا– بفتحِ أعظمِ البلادِ، (فُتحَتْ فارسُ) (فُتحَتْ الرومُ) وقد تمَّ ذلكَ فعلًا ببشارةِ النبيِّ ﷺ.

هذه التعبئةُ الروحيةُ الإيمانيةُ مِن الرسولِ ﷺ لصحابتِهِ الكرامِ، جعلتْهُم يضحونَ بأنفسِهِم وأموالِهِم مِن أجلِ الدفاعِ عن دينِهِم ووطنِهِم، هي التي جعلتْ سيدَنَا حنظلةَ يخرجُ جُنبًا يومَ عرسِهِ لتغسلَهُ الملائكةُ، وهي التي جعلتْ سيدَنَا عمرو بنَ الجموحِ يطأُ بعرجتِهِ هذهِ في الجنةِ، وهي التي جعلتْ سيدَنَا عميرَ بنَ الحمامِ يرمِي بالتمراتِ حتى لا تحولَ بينَهُ وبينَ الجنةِ، وهي التي جعلتْ سيدَنَا أنسَ بنَ النضرِ يفِي بعهدِهِ فيدخلُ الجنةَ، وغيرهُم كثير.   

فالروحُ المعنويةُ تلعبُ دورًا بارزًا في صَقْلِ شخصيةِ المُحاربِ؛ إذ الروحُ المعنويةُ المرتفعةُ تُمثّلُ مصدرًا مِن مصادرِ التفوقِ العسكرِي، والصمودِ أمامَ المشاقِّ التي تلاقِى المجاهدَ في ساحةِ الوغَى.

إنَّ الروحَ المعنويةَ بالإضافةِ للتسليحِ والتدريبِ الجيدِ أهمُّ عناصرِ النصرِ، وأوائلُ القادةِ العسكريينَ مثلَ فريدريك الكبير وجدَ أنَّ الهزيمةَ تحدثُ للجنودِ مِن مشاعرِ الإحباطِ وضعفِ المعنوياتِ أكثرَ مِن أنْ تأتيَ مِن الخسائرِ الماديةِ، ولنابليون مقولةٌ شهيرةٌ قالَ فيهَا: “إنَّ الروحَ المعنويةَ تتفوقُ على القوةِ الجسديةِ بثلاثةِ أضعافٍ”، وكان نابليون يُكافئُ جيوشَهُ لرفعِ روحهِم المعنويةِ بالجوائزِ والأوسمةِ أو الترقياتِ.

إنَّ الجنديَّ المصريَّ خيرُ أجنادِ الأرضِ، يستطيعُ بنجاحٍ مذهلٍ – مع قوتِهِ الإيمانيةِ وروحِهِ المعنويةِ – العملَ تحتَ أيِّ ضغوطٍ ومواجهةِ أيِّ تحدياتٍ، ليعطيَ للعالمِ درسًا في الولاءِ وقوةِ التحملِ في سبيلِ نصرةِ الوطنِ والحقِّ المبينِ!!

رابعًا: وسائلُ الدفاعِ عن الأوطانِ.

هناك عدةُ وسائلٍ للدفاع عن الأوطانِ منها:  

نشرُ الوعىِ بقيمةِ الوطنِ: وذلك بالحفاظِ على معالمِهِ وآثارهِ ومنشآتهِ العامةِ والخاصةِ، والحفاظِ على مياهِ نيلهِ التي تربينَا عليهِ وروينَا منها أكبادنَا، وعدمِ الإفسادِ في أرضهِ، أو تخريبهِ وتدميرهِ، وعدمِ قتلِ جنودهِ وحراسهِ الذين يسهرونَ ليلَهُم في حراستِنَا وحراسةِ أراضينَا!! والذين تمتدُّ إليهم يدُ الغدرِ والخيانةِ بينَ الحينِ والحينِ!!

 فعن الأصمعِي قال: ” إذا أردتَ أنْ تعرفَ وفاءَ الرجلِ ووفاءَ عهدهِ، فانظرْ إلى حنينهِ إلى أوطانهِ، وتشوُّقهِ إلى إخوانهِ، وبكائهِ على ما مضًى مِن زمانهِ.” ( الآداب الشرعية لابن مفلح) .

ومنها: غرسُ مكارمِ الأخلاقِ في نفوسِ أفرادِ المجتمعِ:

إنَّ للأخلاقِ أهميةً كُبرى في الإسلامِ، فالخلقُ مِن الدينِ كالروحِ مِن الجسدِ، والإسلامُ بلا خلقٍ جسدٌ بلا روحٍ، فالخلقُ هو كلُّ شيءٍ، فقوامُ الأممِ والأوطانِ بالأخلاقِ وضياعِهَا بفقدانِهَا لأخلاقِهَا، قال الشاعرُ أحمد شوقي:

إنَّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ … فإنْ همُو ذهبتْ أخلاقُهُم ذهبُوا

وقال: وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم … فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمـًــا وَعَـــــويــــلا

وقال: صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ … فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ 

وهكذا كانتْ الأخلاقُ عاملًا رئيسًا في الحفاظِ على الأممِ والأوطانِ والحضاراتِ.

ومنها: الاتحادُ وعدمُ الفرقةِ: تحقيقًا لقولِهِ تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}. (أل عمران: 103). لأنَّ الاتحادَ قوةٌ، والتفرقَ ضعفٌ والتنازعَ شرٌّ، وربُّنَا عزَّ وجلَّ حذرَنَا مِن ذلك فقالَ سبحانَه: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال: 46).

ومنها: الدعاءُ بالأمنِ والأمانِ وصلاحِ الحالِ:

إنَّ الدعاءَ هو أقوَى سلاحٍ في الدفاعِ عن الأوطانِ، فهو سلاحُ المؤمنِ، وطريقُ النجاةِ، وسلمُ الوصولِ، ومطلبُ العارفين، ومطيةُ الصالحين، ومفزعُ المظلومين، وملجأُ المستضعفين، ولو طوفنَا حولَ جميعِ المعاركِ لوجدنَا أنَّ السلاحَ الحقيقيَّ والعاملَ الأساس في الانتصاراتِ هو الدعاءُ، فهذه غزوةُ بدرٍ الكبرى أعظمُ المعاركِ والمواجهاتِ يتركُ حبيبُنَا ﷺ الصفوفَ ويتوجهُ إلى ربِّه متضرعًا مبتهلًا داعيًا سائلًا واقفًا على أعتابِه لائذًا ببابِه حتى سقطَ رداؤهُ عن منكبيهِ فأخذَهُ أبوبكرٍ رضي اللهُ عنه ووضعَهُ على كتفيهِ وقال يا رسولَ اللهِ كفاكَ مناشدتُكَ ربِّكَ فهو منجزٌ لكَ ما وعدَكَ، وحين رأى رسولُ اللهِ جندَ قريشٍ قال: “اللهُمّ هذه قريشٌ قد أقبلتْ بخيلائِهَا وفخرِهَا، تحادكَ وتكذبَ رسولَكَ، اللهُمَّ أحنهمُ الغداة” ( السيرة النبوية لابن هشام )؛ فكان النصرُ حليفَ المسلمين.

هذه هي وسائلُ الحفاظِ على الأوطانِ والحرصُ على عمارتِهَا، إذا طبقناهَا عمليًّا على أرضِ الواقعِ، وأصبحنَا متضامنينَ متعاونينَ متكافلينَ يدًا واحدةً، مع نشرِ الوعيٍ وتعاليمِ الإسلامِ السمحةِ، فإنَّنَا بحقٍ نستطيعُ الدفاع عن أوطانِنَا ومقدساتنا، ونقضِي على الإرهابِ بكلِّ صورهِ، ونعيشُ آمنين متعاونين متراحمين كما أرادَ لنَا دينُنَا الحنيفُ!!

نسألُ اللهَ أنْ  يجمع شملنا وأن يوحد كلمتنا ، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ.

اقرأ أيضا:

خطبة الجمعة القادمة للشيخ خالد القط 11 ربيع الآخر 1447هـ ـ 3 أكتوبر 2025م

من فتاوى الشيخ عبد اللطيف حمزة.. حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية

مفتي الجمهورية السابق يبين مشروعية سجود التلاوة

قراءة سورة السجدة في صلاة الفجر كل جمعة.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم

خطبة الجمعة القادمة للشيخ خالد القط 4 ربيع الآخر 1447هـ ـ 26 سبتمبر 2025م

الخروج من المسجد بعد الأذان.. دكتور شوقي علام يوضح الحكم

مفتي الجمهورية الاسبق يحذر من الإفتاء بغير علم

حكم تقبيل يد الوالدين والعلماء والصالحين.. مفتي الجمهورية يوضح

الأوقاف تصدر دليل زاد الأئمة لخطبة الجمعة 26 سبتمبر 2025م ـ 4 ربيع الآخر 1447هـ

مفتي الجمهورية الأسبق يبين الحكمة من تفاوت الأرزاق بين الناس

لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم

مفتي الجمهورية: برامج تدريبية وتأهيلية للعلماء والمفتين بدولة كازاخستان

خطبة وزارة الأوقاف اليوم الجمعة 27 ربيع الأول 1447هـ ـ 19 سبتمبر 2025م

خطبة الجمعة القادمة للشيخ خالد القط 27 ربيع الأول 1447هـ ـ 19 سبتمبر 2025م

خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 19 سبتمبر 2025م ـ 27 ربيع الأول 1447هـ

متى يباح للمصلي قطع الصلاة؟.. دكتور شوقي علام يجيب

حكم القنوت في كل صلاة فجر.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم

مفتي الجمهورية يحذر من "زواج النفحة": احتيال على الشرع

مفتي الجمهورية: ما يحدث في غزة جرح مفتوح في قلب العدالة الإنسانية

القدر الواجب على المسلم حفظه من القرآن الكريم.. دكتور على جمعة يوضح

كيف أحدد ساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة؟.. دكتور شوقي علام يجيب

ذكر اسم شخص والدعاء له في الصلاة.. دكتور شوقي علام يوضح الحكم

الأوقاف تصدر دليل زاد الأئمة لخطبة الجمعة 19 سبتمبر 2025م ـ 27 ربيع الأول 1447هـ

السيد الطنطاوي يكتب: الإنسان بين كاميرا الموبايل والكاميرا الإلهية!!

حكم الذكر والابتهالات الجماعية.. دكتور علي جمعة يوضح

دكتور شوقي علام: قراءة القرآن للأموات بالمقابر ليست بدعة

الرابط المختصر

search