طلعت زكريا فنان الشعب الذي صنع البسمة في أصعب اللحظات

تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان الكوميدي الكبير طلعت زكريا، الذي وُلد عام 1960 ورحل في مثل هذا اليوم من عام 2019 عن عمر يناهز 58 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا حافلًا بالابتسامات والضحكات التي لا تزال تعيش في وجدان جمهوره.

وعلى الرغم من أن بدايته لم تكن سهلة، إلا أن إصراره وموهبته وضعاه في مكانة خاصة بين نجوم الكوميديا في مصر والعالم العربي.

البداية من المسرح

وُلد طلعت زكريا في مدينة الإسكندرية عام 1960، وتخرج في قسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، كانت انطلاقته الفنية الأولى من خلال مسرحية "الشخص" عام 1982، ومنها بدأ رحلة طويلة في عالم الفن، جمع خلالها بين المسرح والسينما والتلفزيون، حتى صار واحدًا من أبرز الأسماء التي لا تُنسى على الساحة الكوميدية.

"طباخ الريس".. محطة فارقة في مشواره

رغم مشاركاته المتعددة في الدراما والسينما، فإن فيلم "طباخ الريس" يظل المحطة الأهم والأقرب إلى الجمهور، حيث جسد فيه شخصية الطباخ البسيط الذي يقترب من رئيس الجمهورية ويعكس نبض الشارع المصري من خلال حواره معه، الفيلم لم يكن مجرد عمل كوميدي، بل كان رسالة اجتماعية وسياسية جسدها زكريا بخفة ظل وصدق شديدين، ليظل علامة مميزة في مسيرته الفنية.

زيارات ومواقف مع الرئيس مبارك

في أحد لقاءاته التليفزيونية، كشف طلعت زكريا عن موقف طريف جمعه بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حيث قال إنه زاره أواخر أيامه في المستشفى قبل عودته إلى منزله، وأضاف: "كان بيناديني بالطباخ، وقال لي: هو أنا مجرم عشان كده جاي تباركلي؟"، في إشارة إلى نجاح فيلم طباخ الريس الذي ارتبط اسمه به بشدة.

زيجات طلعت زكريا وعلاقته بهنا الزاهد

على الصعيد الشخصي، تزوج طلعت زكريا مرتين؛ الأولى من سيدة تُدعى صباح، وهي والدة نجليه عمر وإيمي، أما الزيجة الثانية فكانت من شيرين المنزلاوي، والدة الفنانة الشابة هنا الزاهد، التي تبناها فنيًا ووقف إلى جانبها في بداية مشوارها الفني، مؤكدًا دائمًا اعتزازه بها.

أصعب مشاهد حياته.. الغيبوبة بعد "طباخ الريس"

كشف الفنان الراحل في لقاء تليفزيوني سابق أن أصعب فترات حياته كانت بعد عرض فيلم طباخ الريس بشهر واحد فقط، حيث دخل في غيبوبة استمرت شهرين كاملين، وقال: "أنا الشخص الوحيد اللي دخل في غيبوبة طويلة كده، أقصاها بيكون عشرة أيام، لكن أنا فضلت شهرين، وأهلي كانوا منتظرين كلمة البقاء لله في أي وقت.. أخدت عين بسبب نجاح الفيلم".
هذه التجربة القاسية لم تكسر روحه المرحة، بل زادته إصرارًا على مواصلة مشواره.

رحيله المفاجئ

في الثامن من أكتوبر عام 2019، غيب الموت الفنان طلعت زكريا بعد صراع مع مرض التهاب السحايا، تاركًا صدمة كبيرة بين جمهوره وزملائه في الوسط الفني، الذين نعوه بكلمات مؤثرة وأكدوا أنه كان رمزًا للبساطة وخفة الظل والطيبة الإنسانية.

اليوم وبعد ستة أعوام على رحيله، يبقى طلعت زكريا حاضرًا في قلوب محبيه بأعماله الكوميدية التي صنعت البسمة في أصعب الظروف، فقد استطاع أن يقدم شخصيات قريبة من الناس، تعكس وجوههم وهمومهم، ليصبح بالفعل فنان الشعب البسيط الذي ظل وفيًا لجمهوره حتى آخر أيامه.